عسل وطحينة

ضجرت أطباق الطعام بما عليها وتمنت من قلبها أن ينتهي العشاء بسرعة حتى تنام الاسرة “السعيدة” وتدب الحياة في المطبخ.. ألقى الابن الوحيد تحية المساء وطالب أبيه بالمصروفات الدراسية الاضافية بنفس الطريقة ولم يجهد الأب نفسه بالبحث عن أعذار جديدة .. نفس العذر قوبل بنفس رد الفعل الخائف والعاجز من قبل الابن.. الأم تضع الاطباق الفارغة في حوض المطبخ وتسرع لتحضير الملابس التي ستخرج بها غدا.. لم يعد ما بينها وزوجها شيئا يذكر.. لم يعد عشرة.. لم يعد الابن الوحيد.. لم يعد هذا المنزل ولا الذكريات التي لم تكن سعيدة بحق وبالطبع لم يعد حبا ولم يكن حبا أصلا.. انقلب ما كان بينهما ليتحول إلى بعد ومقت جاوز حدود الملل القابل للاصلاح

وضعت الام أطباق الفول والتونة والبيض ووجبة العسل والطحينة التي يحبها زوجها في الثلاجة.. وكانت الاطباق تتسابق لتصطف هناك. فبرودة الثلاجة أفضل من عشاء بدون حياة

“تصبح على خير” أمامها “وانتي من أهلو و”انا بكرة هعدي اخدكو من عند مامتك بعد الشغل” أمامها “براحتك”

وبعدما أطفأت الانوار قفزت زجاجة المياة قفزة خفيفة لتضيء نور الثلاجة وبدا أن المكونات على استعداد لحدث جلل.. تركت حبات الفول مكانها في الطبق وسارعت لتنتقل إلى طبق البيض الذي أفسحت قطعه القليلة المتبقية لها مجالا حتى تستقر إلى جوارها وتترك طبق الفول خاليا

أشفقت حبات الطماطم على نفسها مما سيحدث وترقب الجميع أما طبق العسل والطحينة فهو بطل الفيلم … اصطدمت زجاجة المياة بأخرى لتحدثان صوتا إيذانا بما سيحدث … وبمرارة انفصل العسل عن الطحينة وانسابت الطحينة إلى طبق الفول وهي تقول “بالإذن يا عسل” رد العسل وهو في طبقه “سلام يا طحينة”… واهتزت الثلاجة لصوت ضحكات الجميع

يونيو 2009

Leave a comment