0

صباع الميت

يتابع ضربات قلبه باهتمام.. دقة ثم دقة أخرى تتبعها ثالثة وتتدفق الدقات دون توقف.. يريد أن يعي لحظة توقف الدقات

حدث بالفعل.. وتوقفت دقات القلب.. لكن لم يكن الأمر بالسوء الذي توقعه.. الله! صوت عبد الباسط عبد الصمد أجمل من أي مرة سمعها فيه في حياته.. الغسل استحمام جميل جعله يتلذذ المياه والصابون في هذا الحر.. علامات الحزن على وجوه أهله هي الشيء السخيف الوحيد في الموضوع.. تساءل هل يبكونني أم يبكون حالهم بعدي؟

من كفنوه كانوا رحماء ولم يحكموا لف الكفن حول جسده.. إجراءات الدفن كانت سريعة .. وكان هذا هو السبب فيما حدث

خطأ في الدفن جعله حائرا .. دفن بالكامل تحت الأرض لكن الإصبع الكبير في قدمه اليمنى ظل فوق الأرض.. حيا

لم ينتبه أحد للخطأ وانصرف الجميع لأشغالهم.. الهدوء جميل وجميل أن ترى حقيقة إيمانك.. فبعضنا يخدع بدرجة إيمانه  عندما يكون  بالكامل على سطح الأرض

مرت الأيام وبدأ الملل يتسرب إليه..

وفي يوم من الأيام جاء صبية للعب الكرة في منطقة المقابر .. عندما يلعب الأطفال في الشارع يلعبون بحماسة منتخبات ألمانيا والأرجنتين وإيطاليا في كأس العالم.. حتى وإن كانت الكرة “شراب”

سارت المباراة على ما يرام وأراد فريق الزحاليق أن يحرز هدفا غاليا في مرمى فريق البروتات .. سدد صبي من فريق الزحاليق كرة قوية.. أحرزت الكرة الهدف لكنها اصطدمت قبل هذا بالإصبع الكبير لصديقنا المتوفي

شعر لأول مرة منذ فترة طويلة بالألم وتأوه .. اهتزت الأرض بعض الشيء من ردة فعله بعد التسديدة لكن أحدا لم يشعر فالمكان لا يوجد فيه سوى أموات بالكامل أو صبية يلعبون الكرة.. وما أدراك ما الكرة

أصيب الإصبع بجزع أو ربما كسر

وبعد انصراف الصبية وهدوء المكان.. ظل صديقنا المتوفي يهز إصبعه من حين لآخر ليحس بالألم

أصبح يتلذذ الألم من الجزء الوحيد في جسده الذي مازال على قيد الحياة… يدعو الله كثيرا ألا يشفى من الألم أبدا.. يدعو الله ألا يأتي أحد ذات يوم ويهيل التراب على إصبعه الكبير المطل على العالم.. فيموت هو الآخر

يونيو 2011

0

إخراج

وكأن هاني شاكر قد تآمر مع القدر عليها.. فبمجرد أن ركبت الاوتوبيس وجدته يندب

راحوا اللي كانوا بيمسحوا بايدهم دموعنا

راحوا اللي كنا بننسى ف أحضانهم وجعنا

فكرت في مكالمتها الاخيرة مع حبيبها والتي انتهت بأنه أنهى الحكاية

انسابت دموعها الرقيقة .. انسحبت تماما من الواقع ولم تشعر بوطأة الزحمة الشديدة في صلاح سالم الساعة اربعة لان الريس كان رايح دار الدفاع

لم تشعر بالتحرش الجماعي بفتاة مراهقة أمام عينيها في وسيلة المواصلات العامة

لم تشعر بلافتات “يارب مصر تكسب” التي تزين الاوتوبيس والتي تعيد إلى الاذهان مباراتي الجزائر المشئومتين

تكبر المفارقة عندما نعرف أن نهائي كأس العالم بعد يومين

لم تشعر بالأم النائمة تماما إلى جوارها والتي لم تنم ابنتها ذات العامين على رجلها

لم تشعر بنظرات المصريين الحزينة الخائفة والمكتومة

لا .. كانت مع هاني وتأملت قوله.. وفضيت علينا الدار والوحدة زي النار

انهمرت دموعها أنهارا عند هذه الكلمات على الرغم من انه لم يكن هناك دار أصلا مع حبيبها المزعوم

سمع سائق الاوتوبيس نهنهات صاحبتنا واعتقد أن الزحام المروري هو السبب

فقال بصوت عالي.. يا اخونا مش بايدي والله انتو شايفين الطريق عامل ازاي

ساعدها الجميع بالمناديل وطبطبت عليها بنت من سنها كانت بالصدفة تقف إلى جوارها

وبعدما قال هاني شاكر كله اتكسر كله اتدمر

كانت على وشك الانهيار

وهنا أحست ببعض البلل على بنطلونها واشتمت رائحة كريهة

بحركة لا ارادية نسيت الحبيب بالزحمة بالريس بدار الدفاع بالتحرش ونظرت إلى شورت البنت الصغيرة النائمة على رجل امها إلى جوارها

كان مبللا فاتضح كل شيء

كادت أن تضحك وحسب لكنها ركزت في الرائحة قليلا فاكتشفت أنها ليست لحمض البوليك

لابد أنها رائحة الاوبشن الصلب إذا

انفجرت في الضحك

وهنا انتهت الاغنية وتحسنت الحالة المرورية واستيقظت الام على أصوات الضحك وعلى وجهها أمارات الاستياء

يوليو 2010

0

أبيض باهت.. أسود واضح.. وحبة ألوان

يبدو أن اللوحة على وشك الانتهاء .. أيقنت أن قرار أن تكون هذه الفرشاة أو تلك هي الاخيرة لن يكون قرارها.. القدر, المكتوب, العمر هم وحدهم من سيقررون

وجدت ابتسامة سخرية تتسرب إلى شفتيها وهي تتذكر مقولة قرأتها بأن الانسان يكتسب الحكمة عند دنو أجله.. كان مبعث السخرية والفزع في وقت لاحق هو أنها لازالت شابة – في العقد الرابع من العمر وأنها ترى الان ما لا يراه آخرون

شعرت بوطأة الحكمة عندما رأت حياتها في اللوحة أمامها .. ابيض باهت تمثله ومضات سعادة .. اسود واضح لا وقت لتذكره أصلا و”حبة” ألوان متعددة بتعدد ألوان البشر وتغير طباعهم

ألقت نظرة شاملة على المرسم وماتت بعد الفرشاة الاخيرة وابتسامة السخرية تطبع الشفتين لكنها حرصت على أن تحمل فرشاتها الاخيرة لونها المفضل.. روز فاتح .. كما حرصت على أن توقع لوحتها الاخيرة باسمها: فلانة الفلانية

ولم يجد أهلها حيرة كبيرة في صياغة نعيها واكتفوا بنشر اللوحة

مايو 2010

0

بطة

اليوم أقل من عادي بالنسبة لها.. تترك الجراحة الصغيرة في السن منزلها في موعدها المعتاد

تقف في نفس إشارات المرور وتتعرض لنفس المجادلات السخيفة مع سائقين

توقف سيارتها في مكانها أمام المستشفى ولا يلاحظ اي من زملائها تغيرا يذكر

تبادر الجميع بالابتسامة التي اشتهرت بها والود الذي يكسبها حب حتى من يرونها هبلة لانها تفعل ذلك

تستعد لنوبة ليلية طويلة بدأتها بعمليتين جراحيتين

بعد بدء دور الشطرنج بين زميليها في النوبة تنفرد بنفسها في الغرفة

وتجتر

تفكر في من حولها .. من اين لهم هذا الجمود والقسوة .. كم بني ادم تعرفه بحاجة حقيقة لعملية زرع قلب

قلب حقيقي يشعر بمن حوله .. كثيرون.. سرحت بالخيال بعض الشيء

ورأت في مكان قلوب الناس أشياء غريبة

فهذا يوجد حذاء في مكان قلبه

وأخرى توجد مجوهرات مكان قلبها

وذلك وضع صورة لنفسه مكان قلبه

وتلك وضعت ملابس وحقيبة يد مكان قلبها

أما هي فقدر لها أن تكون ممن يختزنون الاحزان والمواقف والانطباعات السيئة بداخلهم.. لا يظهرون شيئا

وفي مرة ينفجرون .. بدون مبرر .. بدون سابق إنذار.. وبقوة

ألقت تحية المساء على زميليها ودخلت غرفة العمليات

أمسكت بالمشرط وتحملت الالام

أحدثت فتحت حول قلبها ولم تصرخ

مدت يدها حتى وصلت إلى حقيبة يدها وأخرجت لعبة على شكل بطة صفراء صغيرة

نزعت قلبها من أحشائها ووضعت البطة مكانه.. ضحكت لانها ضغطت دون أن تقصد على البطة فأحدثت صوتا لطيفا

وتذكرت أن تحمد الله عندما استيقظت لان الحلم لم يكن به دم

فيقال إن الدم يفسد الاحلام مثلما تفسد القسوة حياة البشر

يناير 2010

0

فكرة

ساءت أحوال البلاد والعباد.. تفاقم الفقر والبطالة واليأس وقلة الحيلة وأراد الجميع ترك البلد.. لم تعد أي أموال كافية في ظل الغلاء المتنامي والسرقة العلنية والفساد الذي أصبح كاللب

اليوم عيد ميلاد الملك وهو الوحيد الذي لا تتفاقم لديه أي شيء بل بالعكس يصور له من هم حوله أن البلاد تسير إلى الامام وتمنعه شيخوخته من أن ينزل إلى شوارع العشوائيات ليرى أناسا يعيشون بلا ماء نظيف ولا صرف صحي ولا علاج.. بلا حياة

الخدمات الوحيدة المتوفرة لهؤلاء هي الامراض والافترا والعجز

وعندما فشلت كل سبل المعارضة في إحداث تغيير في هذا البلد لجأت لطريقة مفتكسة للاحتفال بالمناسبة الغالية

ابتكرت نوعا من اللصق لا يمكن إزالته .. نوع سحري يجعل الاشياء تثبت في أماكنها

وتوجه ممثلون عن المعارضة لسلسلة من محلات السجاد تصنع سجادة شهيرة عليها صورة الملك المفدى -من باب النفاق والمداهنة

واشتروا كميات كبيرة منها

وفي جنح الظلام انتشر أبطال المعارضة ولصقوا السجاجيد التي تحمل صورة الزعيم على أرض شوارع المملكة ليستيقظ الشعب الغلبان ويسير عليها المواطنون بأقدامهم

شكرا للنساجون الشرقيون

أكتوبر 2009

0

scent on a pillow

well its my first time to write English “verse” guys so dont be harsh on me in your critique 🙂

I wished you use cheap perfumes
So your scent wont stay on my pillow

I wished you were never here
Coz after you left everywhere remains your shadow

I look absurd now mimicking your every move
Retelling your worn out stories
About love that lasts forever
About the silly papers fellow

No dearest I’ll sleep in my bed tonight
i dont leave my world
its your scent that should part my pillow

 

September 2009

0

عسل وطحينة

ضجرت أطباق الطعام بما عليها وتمنت من قلبها أن ينتهي العشاء بسرعة حتى تنام الاسرة “السعيدة” وتدب الحياة في المطبخ.. ألقى الابن الوحيد تحية المساء وطالب أبيه بالمصروفات الدراسية الاضافية بنفس الطريقة ولم يجهد الأب نفسه بالبحث عن أعذار جديدة .. نفس العذر قوبل بنفس رد الفعل الخائف والعاجز من قبل الابن.. الأم تضع الاطباق الفارغة في حوض المطبخ وتسرع لتحضير الملابس التي ستخرج بها غدا.. لم يعد ما بينها وزوجها شيئا يذكر.. لم يعد عشرة.. لم يعد الابن الوحيد.. لم يعد هذا المنزل ولا الذكريات التي لم تكن سعيدة بحق وبالطبع لم يعد حبا ولم يكن حبا أصلا.. انقلب ما كان بينهما ليتحول إلى بعد ومقت جاوز حدود الملل القابل للاصلاح

وضعت الام أطباق الفول والتونة والبيض ووجبة العسل والطحينة التي يحبها زوجها في الثلاجة.. وكانت الاطباق تتسابق لتصطف هناك. فبرودة الثلاجة أفضل من عشاء بدون حياة

“تصبح على خير” أمامها “وانتي من أهلو و”انا بكرة هعدي اخدكو من عند مامتك بعد الشغل” أمامها “براحتك”

وبعدما أطفأت الانوار قفزت زجاجة المياة قفزة خفيفة لتضيء نور الثلاجة وبدا أن المكونات على استعداد لحدث جلل.. تركت حبات الفول مكانها في الطبق وسارعت لتنتقل إلى طبق البيض الذي أفسحت قطعه القليلة المتبقية لها مجالا حتى تستقر إلى جوارها وتترك طبق الفول خاليا

أشفقت حبات الطماطم على نفسها مما سيحدث وترقب الجميع أما طبق العسل والطحينة فهو بطل الفيلم … اصطدمت زجاجة المياة بأخرى لتحدثان صوتا إيذانا بما سيحدث … وبمرارة انفصل العسل عن الطحينة وانسابت الطحينة إلى طبق الفول وهي تقول “بالإذن يا عسل” رد العسل وهو في طبقه “سلام يا طحينة”… واهتزت الثلاجة لصوت ضحكات الجميع

يونيو 2009

0

صافي يا لبن

لا يتكلم كثيرا .. منذ عرفته وهو قليل الكلام .. مضت على معرفتي به الان أكثر من سنتين ولطالما سهرنا سويا .. خضنا معا تجارب جديدة ..
أنا أكره الاختفاء.. الاختفاء –خاصة المفاجيء منه – يصيبني بالاحباط ويقضي على ما احاول ان اشعر به نفسي دائما من احساس بالامان. اختفاؤه كان مفاجئا وغريبا. لم اعامله بشكل سيء وأحببته كثيرا لذا لم اختر الفراق بل فرضه هو علي وعلى نفسه…
وعندما عاد إلي لم يتكلم ايضا تبادلنا نظرات لوم وعتاب بسيطة وبدا علي الجزع مما فعل … امتص غضبي منه بالقول إنه لم يغب عني سوى يوم واحد… نفيت هذا فهم في الواقع ثلاثة ايام كاملة وان حظه فقط جعل من بين الايام الثلاثة يوما العطلة الاسبوعية ….
نعم رايت لون المج بتاعي يمتقع من الخجل زي ما بيقولو .. وأدار مقبضه ناحيتي يناديني ان اتناول معه نسكافيه الصباح حتى نتصالح 

وقد كان..

 

مايو 2009

 

 

 

0

صورة

المرة الاولى التي يأتي فيها إلى منزلها .. سمحت لخيالها العريض أن يتخيل حبيبها في الصالون جالسا الجلسة القميئة الرتيبة التي طالما سخرا منها سويا وأطلقا عليها النكات والقفشات .. هنا سيجلس وهنا ستجلس والدتها … لابد أن يتذكر الجميع والدها المتوفي وتدمع عيناها.. نعم لابد أن تدمع عيناها حين يحدث هذا

سافر بها الخيال بعيدا ووضعت تفاصيل المشهد الجلل الذي حلمت به معه كثيرا 

وعندما عرفت الحقيقة أقسمت برب العزة أن تركز عندما يسرح خيالها في المرة المقبلة على الصورة المعلقة على الحائط .. فلو كانت ركزت في المرة الاولى لرأت صورة والد أعز صديقاتها معلقة على حائط الصالون الذي دخله حبيبها… كان هذا هو الصالون الذي دخله حبيب العمر

مايو 2009

0

إيماءة

تجلس في ركن بهو القصر الخالي من أي أثاث مكومة تعانق نفسها وترتعش من البرد والخوف من الامطار التي تتساقط دون رحمة .. وحشة مطبقة تلفها وعيناها مثبتتان على النافذة التي رغم تناثر حبات المطر على زجاجها لا تزال تظهر من يقف في الخارج

مر من أمام القصر وقد ابتل بفعل الامطار وشعر ببرودة تلفه هو الاخر .. وحيد في كون غريب تكالبت عليه قوى الطبيعة كلها في تلك الليلة بالذات. مر أمام نافذتها ونظر إلى الداخل وتحركت مشاعره. ناشدته بعينيين مرتعشتين أن يساعدها للخروج لكنه نكس رأسه ضعفا وأكمل طريقه حزينا مطرقا 

لم تعرف حقا إن كان قد عاد لينظر إليها من جديد أو ليتخذ قرار الاقتراب منها ولم تنظر مجددا إلى النافذة انتظارا لمار آخر بل أومأت برأسها بعيدا في الاتجاه الاخر تجاه القصر

23 أبريل